***** تجول بين النقوش مسبحاً *****

المرعى أخضر ولكن العنزة مريضة



مقالة منصفة  أتحفنا بها الكاتب المخضرم الشيخ : د.عائض بن عبد الله القرني...نشرتها صحيفة الشرق الأوسط تحت عنوان(نحن العرب قساة جفاة)..فدونكم المقال..إقرأوه أحبتي بعين التجرد..و تأملوه بمنظار الحيادية والقسط الذي أمرنا به ديننا الحنيف  حتى مع أعدائنا أومن ليسوا على ملتنا...
فوالله أيها الأعزاء إن القوم على جانب كبير من التحضر الأخلاقي والرقي في التعامل على كافة الأصعدة ..كما ذكر شيخنا الأريب بل ربما يزيد .. فقد عشت بين ظهرانيهم بضع سنوات في فترة حرجة من عمر التاريخ(تخللتها أحداث سبتمبر) ولم نر ونعهد منهم إلا الإحترام والتقدير- لاسيما لنا نحن النساء-والبعد عن الحيف والجور..وها أنذا الآن أضم صوتي لصوت الشيخ لعل وعسى نجد في النقد الذاتي البناء طريق لإكتشاف الخلل فنسدد ونقارب بإذن الله..

والآن اتركم مع كلمات الدكتور عائض القرني

أكتب هذه المقالة من باريس في رحلة علاج الركبتين وأخشى أن أتهم بميلي  إلى الغرب وأنا أكتبُ عنهم شهادة حق وإنصاف ، والله إن غبار حذاء محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحبُ إليّ من أميركا وأوروبا مجتمِعَتين  ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني ، يقول تعالى: « ليسوا سواء  من أهل الكتاب أمة قائمة ».
وقد أقمت في باريس أراجع الأطباء وأدخل المكتبات وأشاهد الناس وأنظر إلى تعاملهم فأجد رقة الحضارة ، وتهذيب الطباع ، ولطف المشاعر ، وحفاوة اللقاء ، حسن التأدب مع الآخر ، أصوات هادئة ، حياة منظمة ، التزام بالمواعيد ، ترتيب في شؤون الحياة ،
 أما نحن العرب فقد سبقني ابن خلدون لوصفنا بالتوحش والغلظة ،  وأنا أفخر بأني عربي؛ لأن القرآن عربي والنبي عربي ،  ولولا أن الوحي هذّب أتباعه لبقينا في مراتع هبل واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى .  ولكننا لم نزل نحن العرب من الجفاء والقسوة بقدر ابتعادنا عن الشرع المطهر. نحن مجتمع غلظة وفظاظة إلا من رحم الله ،  فبعض المشايخ وطلبة العلم وأنا منهم جفاة في الخُلُق ، وتصحّر في النفوس ، حتى إن بعض العلماء إذا سألته أكفهرَّ وعبس وبسر ،  الجندي يمارس عمله بقسوة ويختال ببدلته على الناس ،  من الأزواج  زوج شجاع مهيب وأسدٌ هصور على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء ،  من الزوجات زوجة عقرب تلدغ وحيّة تسعى ،  من المسئولين من يحمل بين جنبيه نفس النمرود بن كنعان كِبراً وخيلاء  حتى إنه إذا سلّم على الناس يرى أن الجميل له ، وإذا جلس معهم أدى ذلك تفضلاً وتكرماً منه ،  الشرطي صاحب عبارات مؤذية ،  الأستاذ جافٍ مع طلابه ،  فنحن بحاجة لمعهد لتدريب الناس على حسن الخُلُق وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسئولين يحملون الرقة والرحمة والتواضع ،  وبحاجة لمركز لتدريس العسكر اللياقة مع الناس ،  وبحاجة لكلية لتعليم الأزواج والزوجات فن الحياة الزوجية. المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة  لنخرج من القسوة والجفاء الذي ظهر على وجوهنا وتعاملنا .  في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة ،  من حزن وكِبر وطفشٍ وزهق ونزق وقلق ، ضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة ،  لذلك تجد في غالب سياراتنا عُصي وهراوات لوقت الحاجة وساعة المنازلة والاختلاف مع الآخرين ،  وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة ،  وكلما قلت: ما السبب ؟ قالوا:  الحضارة ترقق الطباع ، نسأل الرجل الفرنسي عن الطريق ونحن في سيارتنا فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف لك الطريق وأنت جالس في سيارتك ،  نمشي في الشارع والأمطار تهطل علينا فيرفع أحد المارة مظلته على رؤوسنا ،  نزدحم عند دخول الفندق أو المستشفى فيؤثرونك مع كلمة التأسف ،  أجد كثيراً من الأحاديث النبوية تُطبَّق هنا ،  احترام متبادل ، عبارات راقية ، أساليب حضارية في التعامل. بينما تجد أبناء يعرب إذا غضبوا لعنوا وشتموا وأقذعوا وأفحشوا  أين منهج القرآن:  « وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن »  ، « وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما » ،  « فاصفح الصفح الجميل » ،  « ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور ، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير » .  وفي الحديث: « الراحمون يرحمهم الرحمن » ،  و « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » ،  و « لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا »   عندنا شريعة ربّانيّة مباركة لكن التطبيق ضعيف ، 
يقول عالم هندي: ( المرعى أخضر ولكن العنزة مريضة ) .
مرسل بواسطة الأخت الفاضلة: حنان المريمي ..المقيمة في كندا..*والتي أبت أصالتها وطيب معدنها إلا أن تبقيها على تواصل معنا
متمثلة في ذلك هدي حبيبنا صلوات الله وسلامه عليه وآله القائل:(حسن العهد من الإيمان)..فجزاها الله عنا خير الجزاء وبارك فيها


2 تعليقات
  1. No0o0o0ra Says:

    ×× صباح جديد ،، وتدوينة راقية بأقلام من عُرف عنهم صنع الكلمة المؤثرة والموعظة الرنانة
    شيخنا عائض القرني :
    بالله لفظك هذا سال من عسل
    أم قد سكبت على أفواهنا العسل
    أختنا / أم درة
    لا عطر بعد عروس
    ***جدا جدا استمعت هنا وتخاليت الصور في ذهني وأنا ما زلت أعيش بين هؤلاء القوم
    اللهم هذبنا بأخلاق الإسلام ××
    وللأخت أنسام // ألف تحية وتحية


  2. أقف حائرة ملجمة كل مرة أجر فيها قلمي لأرد عليك التحية التي عودتني دوما أن تبدئيني بها ياسليلة بيت الأدب والطيبة والنقاء..
    نعمت الكلمات كلماتك ..ومنك نلهم معاني الطموح الأبي..ونستقي روح العزيمة التي تناطح القمم..
    بوركت حيثما كنت..