***** تجول بين النقوش مسبحاً *****

لا تلتقط لي صورة

عمّاه!!
صوتٌ منكسر .. تحت الركام منحسر..
( لا تلتقط لي صورةً)
رغم الجراح.. رغم الأسى .. رغم البلايا تنتثر.. عمّاه أنشدك السّتر
( لا تلتقط لي صورةً)
فهنا العفاف يرتسم.. وهنا الفضيلة تبتسم.. عمّاه أنشدُك الرَّحِم
( لا تلتقط لي صورةً)
أنا من سلالة فاطمة.. تلك الحييّةُ تدَكر .. - وهي العفيفةُ و الشريفةُ تحتضر-
فتقول: أي أسماء !!هبي لي رقعةً كي أستتر..
فتجيبها الأخرى .. بنورٍ تبتكر
يا فاطمة .. بيت النبوة يزدهر
بحيائك ..فلْتَهْنِكِ أمجادكِ
و لتصنعي ثوب العفاف يلفّكِ
ذاك الأثر ..
( لا تلتقط لي صورةً)
أنا أخت من كانت
( تمشي على استحياء )
أنا من كتبتُ الملحمة بأحرف الوفاء
أنا عنوان الفضيلة والشرف
لم تبصر العينان ألوان الترف
لم أملأ الأرجاء يوماً بالخزائن والسرف..
( لا تلتقط لي صورة)
صبراً أيا عمّي.. لأستُرَ عورتي
صبراً أكفكف عبرتي
صبراً ألملم عثرتي
صبراً أيا شعبي .. حتى تفيقَ أمتي !!
( لا تلتقط لي صورة)
و ارفع من الأنقاض ِ عني كومةً .. أرى نوره
و ابنِ من الآمال جسراً يصنع الأسطورة !!
🍂🍂🍂🍂🍂🍂
بقلم : فاطمة بنت مستور

بضاعة مزجاة

يا عفو


همسات الفجر

يا من يجيب القَرْعَ في غسقِ الدُجى

و بفيضِ جودهِ تهطلُ الرحمات

و يطيبُ ذكرهُ في الغدوِّ و في المسا

  و بنور عرشه ترغد الجنات

قد أثقلت قلبي الكسيرَ ذنوبهُُ

    و ترددت في جوفهِ الآهات

عن جرمهِ و فعالهِ ضاق الفضا

    من سوءِ كسبٍ أسدل العبرات

و تحرقت أوطاره بلظى الجوى

 يرجو رضاك برغم ذي الزلات

أمطر علينا صيّباً يكسو المدى

   عفواً يغيثُ و هب من النفحات

عبداً يتوقُ لتوبةٍ ملءَ الدُنى

   تمحو الأسى و قِهِ من اللفحات

و أجب إلهي سؤلنا و معاذنا

   من خزي يومئذٍ على العرصات


فاطمة بنت مستور


حبيبات إبراهيم



للكاتب نجيب الزامل 
إبراهيم كان مراهقا مدللاً، وفيه نعومة وحياء، ويطيب لأقرانه أن ينعتوه بصفات نسائية، لرقته وفرط خجله. عاش يرفل بحياة دلال وتوفير احتياجاتٍ من قبل والدَيْن شديدي الحنان على أبنائهما، فإبراهيم لم يكن وحيداً، بل مع ثلاث شقيقات كلهن أكبر منه، وفي مجتمع مثل مجتمعنا يُعطى للذكور قيمة خاصة، فقد كان لإبراهيم حصة كبرى من الدلال، لكونه الذكر الوحيد بعد ثلاث بنات، وربما هذا ما جعله يبدو سادراً حريري الصفات. شاء الله أن يُتوفَّى والداه في حادث بعد أدائهما فريضة الحج وهما بطريق العودة من مكة.

فجأة، وجد إبراهيم وأخواته أنهم وحيدون بهذا العالم، كما اكتشفوا أن ما غرقوا فيه من دلال وتلبية للطلبات إنما من أبٍ لا يملك أي ثروة، بذل كل ما بيده لأبنائه الذين يتقاطر قلبُه عليهم. كانت أولى المفاجآت الصادمة أن البيت لم يكن يملكه الأب وإنما هو "عطيّة" من أحد الأعمام، ثم لا أحد يدري لِمَ انقلب ذاك العمُّ عنيداً - مع أنه من حقّه - في المطالبة بالبيت قائلاً لمَن حاولوا التوسط: "إنه بيتي وأعطيته أخي لفترة، الآن مات أخي ومات معه ارتباط البيت". وقتها إبراهيم شارف على الثامنة عشرة، وأسقط في يده وأخواته.

كانت كبرى أخواته لا تتعدّى الثانية والعشرين في سنتها الجامعية الأخيرة، والأختان اللاتي بعدها توأمتان في كلية الطب. لم يجد إبراهيم إلا أن يواجه الحياة مع أخواته، فطلب من عمه أن يمهله فقط أشهراً ويدفع له إيجار المنزل، وخرج إبراهيم للعمل والتحق بشركةٍ كبيرةٍ كعامل جرد في مستودع، وحرص أن تعيش أخواته كما كُنّ في حياة أمهن وأبيهن، وتحول الفتي المتكسر إلى رجلٍ نبع من داخله تصميمٌ فولاذي، بفعل الحب والعطف وهما قوتان تهزان الأرضَّ هزّا لمّا تهدر متدفقة من قلبه. لم يكتفِ إبراهيم بوظيفته، بل صار يجلب بضاعةً غيار بحكم معرفته بقطع الغيار وأرقامها من عمله في المستودع الذي تقدم فيه فأصبح أمين المستودع. تخرجت الأولى في الجامعة وخُطبتْ. أخذ إبراهيم قرضاً، وأقام حفلاً أنيقاً جعل أخته الكبرى من أسعد العرائس، وذهبت مع زوجها لبعثةٍ دراسية - والآن أصبحت أخصائية اجتماعية - ثم تخرجت التوأمتان في الطب وكان يصرف عليهما فعلا "دمَ قلبه" من أجل متطلبات الدراسة، ويأخذهما بنفسه ويرجعهما لكلية الطب طيلة سنوات الدراسة، ولما تخرجتا طبيبتي أطفال، وتقدم لهما شابان صالحان، لم يكن وقتها إبراهيم في حاجة لأن يقترض من البنك ليقيم لهما حفلتا العرس، فقد توسّع عمله بقطع الغيار وصار من تجار المدينة في صنعته، واستقال من الشركة، وأكمل دراسته منتسباً في جامعة الملك عبد العزيز - وشيء آخر من بطولات إبراهيم، أنه كل مرة يذهب فيها إلى جدّة كان يأخذ أختيه التوأمتين - وكانت قد تزوجت الأولى - فهو لا يطيق فراقهما، مع مسؤولية متضخمة من ماذا؟ صحيح، من الحب.. طبعاً من الحب!

إبراهيم الفتى الناعم بزغ رجلاً عملاقاً سهر على أخواته الثلاث، ولم يذق طعماً لمعنى الحياة الخاصّة، لم يسافر، لم يأخذ إجازة أبداً، لم يكن عنده وقتٌ لأي منشطٍ اجتماعي ولا أصدقاء حقيقيين.

كنتُ من الذين وقّعوا على عقد زواج إحدى التوائم، وكان إبراهيم يرتجف طيلة الوقت، وتخرج الدموع غزيرةً من عينيه، وأصوات تنهداتٍ مبلوعة بجوفه، لأن أخته ستخرج من رعايته. وقال لي زوج الأولى: "إنه يُعتبر هادئا الآن مقارنةً بيوم عقد قراني بأخته الكبرى!"

خصّني اللهُ بمعرفة إبراهيم لأن أخته الكبرى كتبت لي عنه، وأنهم كأسرة يتابعون مقالاتي، ويعتبرونني صديقهم.. لذا إن كان لي أن أفخر في حياتي بأي حرفٍ كتبت، فهذه واحدة من أهم المناسبات.

البكاءُ منحبسٌ الآن في جوفي.. لأن إبراهيم، أخيراً، سيتزوج بعد أسبوع!

إبراهيم صديقي البطل الذي تعلقتُ وأعجبت به.. لم يبلغ الثلاثين بعد!

الكاتب : نجيب الزامل 


🌸🌸🌸🌸🌸
في قصة ابراهيم يتضح الفرق بين الدلال 
والدلع 



دللوا ابناءكم 
احضنوهم 
قبلوهم 

لا تجعلوا مشاعر المحبة نحوهم  
حبيسة في قلوبكم 


أشعروهم بها كي يشعروا بكم 

لأنكم ستجدونهم فجأة قد اصبحوا كباراً

.....