***** تجول بين النقوش مسبحاً *****

الرسالة (2):لا ترضوا بالقليل

أنتم ياجيل الشبان والشابات -بإذن الله تعالى- مستقبل أمتنا التي تسعى لاستعادة دورها الإرشادي ومكانتها بين الأمم.
لذا فإنها بحاجة إلى جيل جديد متشبع بآداب الإسلام ..مفعم بالآمال،قادر على العطا..صابر على طول الطريق..وليس لطموحاته حدود...
البداية أحبتي..في تحرير النية والسعي في مراضي الله تعالى،فالنية الصالحة تجعل الأعمال الصغيرة كبيرة والعكس صحيح.
حين يتأكد الواحد منكم أنه يسير في الطريق الصحيح فإن عليه ألا يرضى بالقليل،ولوأنكم عرفتم الآمال العريضة والطموحات الكبرى التي كان يحملها عظما الأمة لأدركتم كيف تم تشييد الحضارة الإسلاميةالعتيدة،وقد ذكروا أن هند بنت عتبة- رضي الله عنها-كانت تمشي في أحد طرقات مكة وفي صحبتها ابنها معاوية وهوصبي، إذ قيل لها: إن ابنك هذا سيسود قومه،فقالت هند: ثكلته إن لم يسد قومه!
وقد ظل معاوية رضي الله عنه عشرين سنة واليا على الشام!وواليا على عمومالمسلمين عشرين سنة أخرى.وهاهو ابن القيم يقول:(علو الهمة من علامة كمال العقل وإن الراضي بالدون دنيء).
أبنائي وبناتي..لاتزال الساحة مليئة بالفرص العظيمة التي لم تكن موجودة من قبل ، وأنتم في حاجة إلى الطموحات الكبيرة حتى تستطيعوا استثمار أوقاتكم على النحو الأمثل.وإن طاقاتكم الكامنةوقدراتكم الهاجعة ستظل مهمشة إن لم تبعثوها من خلال الأهداف الكبرى.فماذا يعني هذا؟ إنه يعني الآتي:
1-حرروا أنفسكم باستمرار من الإحباط واليأس،ولا تسمعوا أبدا لكل من يزرع فيكم الخوف أو يشدكم نحو الخلف.
2-اكسروا رهبة الخطوة الأولى، وانتقلوا من التنظير والتخطيط إلى العمل والتنفيذ.
3-اصرفوا جزءا من أوقاتكم في تطويرأنفسكم و الإستفادة من الإمكانات التي بين أيديكم.
4-عودوا أنفسكم النهوض بعد كل كبوة والإنطلاق بعد كل عثرة،فطريق المجد مملوءة بالأشواك والحجارة.
5- هموم الكبار كبيرة وهموم الصغار صغيرة، وبعض الناس يملكون كل مقومات العظمة لكنهم لم يصبحوا عظماء لا لشيء سوى أن اهتماماتهم تافهة!. ا.ه.

إلى أبنائي وبناتي (الرسالة 1)






نحن في زمن تتلاشى فيه الأشيا المجانية، وتكثر فيه المساومات والمقايضات،وهذا يدفع الناس في اتجاه التماس علاقات ذات طابع إنساني وخيري،
وهم يجدون ذلك في علاقات الأخوة والصداقة الصادقة.
الحياة اليوم أشبه بصحرا ملتهبة والصديق المخلص فيها هو النسمة العليلة والظل الظليل وقطرة الندى الباردة..فهو العافية للبدن والضيا للعين والصوت الجميل للأذن..فما سمات الصديق الجيد؟ولماذا الشكوى المريرة عبر التاريخ من قلة الأصدقا؟
 #إن أول خطوة في اختيار الصديق تتمثل في الحرص على أن يكون صالحا، ينتفع المر بصحبته ويأوي إليه في الشدائد.
لا تنظر إلى الصديق على أنه مصدر للنفع ولكن انظر إليه على أنه مصدر للأنس والهداية والثواب من الله تعالىوأي شي أعظم من أن يقول الله تعالى يوم القيامة:(أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي)-رواه مسلم-
#إن الذين يصلحون لأن يكونوا أصدقا من الدرجة الممتازة هم دائما قليلون وقليلون جدا وذلك لعدد كبير من الأسباب،ولهذا يروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال:" إذا أصاب أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك".
وشكوى الناس من قلة الأصدقا تعود إلى أنهم يريدون الكثير من الأصدقا المخلصين الصادقين، وهذا عسير للغاية...وأحيانا لايعثر المر على صديق ممتاز لأنه هو أصلا ليس شخصا ممتازا...وفي أحيان كثيرة يكون القيام بأعبا الصداقة الحقيقية متعذرا على بعض الناس فيعمدون إلى تقليص عدد أصدقائهم.
#أشعروا أصدقاكم أنهم يستطيعون الاعتماد عليكم في الأزمات والشدائد من غير أن يخافوا من المن..وأشعروهم أن ما يسرون به إليكم يظل سرا مصونا حتى لو سات العلاقة بينكم..
#غضوا الطرف عن هفوات الأصدقا واستروا العيوب،وأقلوا من اللوم وما أجمل قول الشاعر في هذا المعنى:
            من لي بإنسان إذا أغضبته       *       وجهلت كان الحلم رد جوابه
وقول الآخر:
          وإني لمحتاج إلى ظل صاحب     *       يروق ويصفو إن كدرت عليه
#من حق الصديق علينا أن ننصحه سرا وأن نثني عليه أمام الآخرين وأن نحمل كلامه على أجمل المحامل ونقبل اعتذاره...
#كونوا أصدقا جيدين ولاتطلبوا من أصدقائكم أن يكونوا كذلك فانتظار المكافأة إخلال بمعنى الصداقة.
#الصداقة أشبه بنبتة عزيزة تحتاج إلى رعاية وسقاية وحماية وإلا فقدناها.
#أخيرا أبنائي :هذه ليست أعبا ولاتكاليف ثقيلة وأنتم ستأخذون ممن صادقتموهم مثل ماتعطونهم وستنعمون بلفتاتهم الجميلة مثلما ينعمون بلفتاتكم.
(من كتاب:إلى أبنائي وبناتي..50 شمعة لإضاة دروبكم/د.عبدالكريم بكار-بتصرف-)

""مثال حقارة الدنيـــــا ""

قال تعالى:(وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) -العنكبوت:43-
مثل حقارة الدنيا الأطعمة الطيبة اللذيذة ذات الأصناف العديدة، والألوان الكثيرة،والأذواق الجميلةمن المآكل والمشارب التي يعشقها الناس ويتنعمون ويتباهون بها،انظر إلى ماتصير؟وفي أي حالة تكون عند خروجها من بني آدم!
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن مطعم ابن آدم ضرب مثلا للدنيا، وإن قزحه وملحه فانظر إلى مايصير)-حسنه الألباني في صحيح الجامع برقم(2195)-.
فالدنيا حلوة خضرة زاهية،ونفس الإنسان تميل إليها ،والجاهل بعاقبتها يتنافس في رتبتها وكسبها.
فإذا كانت هي في الحقارة إلى هذه الدرجة النازلة الهابطة فماذا يرجو الإنسان منها؟....أيرجو مكانة وعزا وشرفا وعلوا،؟..
إن وهبته ذلك في فترة قضت عليه وكانت نهايته خسرانا مبينا(وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)-الحشر:21

هذا مما خطه قلمها قبل رحيلها رحمها الله رحمة واسعة -ووالدي وموتانا جميعا-فكان أن قيض الله لها من يجمع شتات كتاباتها، ويلم شعث فوائد اقتبستها من قراءاتها المستفيضة في بطون أمهات الكتب التي كانت تبيت تقلب في صفحاتها،لم تكن تحلم وهي على قيد الحياة أن يخرج كتابا إلى النور يحمل اسمها ولم يطرأ ببالها ذلك وهي الخفية التقية النقية-أحسبها كذلك والله حسيبها ولا أزكي على الله أحدا-ولكن ربها وخالقها الذي قدمت عليه قبل مايزيد على السنتين ..علم سريرتها وهي التي كانت تجدغاية السرور في إهداء الآخرين من تلك الفوائد التي دونتها أناملها وكانت ترى في ذلك إهداء مهجة قلبها لمن تحب ..فلم تكن من أهل الدنيا بمظاهرها الجوفاء وزخارفها الشهباء...وإنما عرفناها من البسطاء الذين خلعوا ثوب البراءة من بريق الدنيا ووهج فتنها.. فساق الله لها - وهو المطلع على باطنها وقد أضحت بين يديه وتحت شآبيب رحمته- من يخرج كتابا يحمل بين جنباته غيضا من فيض إهداءاتها لنا ولغيرنا بل ويحقق ماورد فيه من أحاديث ويعزو كل نقل لصاحبه رغم كثرة مشاغله ...فسبحان الرحيم الرحمن ..اللطيف المنان..الرؤوف بعباده..الذي يعلم سرهم ونجواهم..وبواطنهم وظواهرهم..الشهيد عليهم..وهو المسئول والمرجو أن يغفر لصاحبتي  في العالمين..ويعلي درجتها في المهديين..وويجمعنا بها ووالدينا ومن نحب في فردوسه تحت سقف عرشه ..آمين