***** تجول بين النقوش مسبحاً *****

تسبيح أمي 💝💝

🌹تسبيح أمي 🌹
كنت أقرأ في مقالة نفيسة بعنوان:( الراضون )
للشيخ الجليل : إبراهيم السكران  - بعباراته الرائقة-و كان يصف فيها شعوره حين يتهادى إلى سمعه زجل ذي شيبة بالتسبيح .. فتنفسح أرجاء نفسه بسكينة جميلة.. و أن ما يثير انتباهه هو الرضى النفسي العجيب الذي يعيشه كبار السن اللاهجون بذكر الله تعالى..
استرجعت تلك الكلمات و أنا أُجيل عيني في ملكوت الله تعالى في هذه الأجواء الربيعية الوادعة.. و أتذكر تمتمة أمي - حفظها الله تعالى- بالذكر و لهج لسانها بالحمد و الثناء على رب الأرض و السماء.. تذكرت شكرها المسترسل لنعم الله تعالى و تعدادها لكل ما يرد بخاطرها من خيرات منّ بها الباري عز وجل علينا..
منذ صغري و أنا أرى قول الله تعالى : ( فلينظر الإنسان إلى طعامه) متمثلا في لفتات أمي لكل ما تمتد إليه أيدينا على مائدة الطعام .. من أين أتى ؟ و كيف أتى ؟ و لماذا أتى ؟ و من هيأه و سخره و جلبه و يسره...
ثم تختم ذلك بحمد متواصل لا يكاد ينقطع إلا مع التقاط أنفاسها..
لا زلت أتذكر جولاتي معها من سن مبكرة في مزرعة الوالد - رحمه الله تعالى- و هي تشير يمنةً و يسرة على امتداد النظر إلى تلك الأشجار و الشجيرات و الخضروات و النباتات 
لافتةً نظري بقوة إلى تلك العوالم من حولي ثم تشدني بسؤالها : ألا ترين معي بنيتي أن هذه الشجرة بجوار تلك و قد زرعتا في أرض واحدة و سُقيتا بماء واحد .. و مع ذلك فطلْع هذه يختلف عن تلك و ورق هذه مغايرٌ لورق جارتها .. فأتذكر قول الله تعالى: ( يسقى بماء واحد و نفضل بعضها على بعض في الأٰكُل)
و حين كنا نقضي إجازة نهاية العام في ربوع ديارنا الخضراء كانت تصحبني معها و تحدثني عن اختلاف الجبال بألوانها و أشكالها  فيستبق إلى ذاكرتي قول ربي تبارك و تعالى: ( و من الجبال جُددٌ بيض و حمرٌ مختلف ألوانها و غرابيبُ سود) .. 
ثم لم تزل  أمي حين تمسك بالتمرة بين إصبعيها تتذكر من حُرمَ منها .. و تُذكرنا و مَن حولها بفضل النخيل و خالق النخيل ..ثم تختم ذلك بتسبيحٍ مريح يطرق معه الرأسُ إجلالا ً و وقاراً.. 
سبحان الله!! 
كأن شيخي حين كان يتحدث عن رضى الكبار الذاتي و طمأنينتهم النفسية و ارتباط ذلك بكثرة ذكرهم الذي يدبّ دبيباً بصوت أنهكتهُ السنون.. كأنما كان يتمثل أمَي أمام ناظريه
.. و كأنه قد فسر لغزاً عجيباً كان يحيرني في تعامل أمي مع صروف الدهر..
إنه ( الرضى و السلام الذاتي) الذي اصطبغ به قلبها النابض بالحب و العطاء.. 
و الآن فككتُ شفرته .. و  أدركتُ السرّ!!
إن استشعار نعم الله تعالى في كل حركة و سكنة..و  تعظيم قدرها في القلوب .. و تذكر المحرومين و العيش معهم بالوجدان.. و كثرة ذكر الله تعالى .. يُضفي على الروح رونقاً تتضاءل أمامه مناتن الدنيا.. و يُكسب القلب  بهجةً و رضىً تتقازم عند عمالقته البلايا و المحن .. فيبيت العبدُ شاكراً راضياً لا يتذكر إلا نعم الله تعالى ..
و لهذا لا عجب إذاً من دعاء ذلك السلفي: 
اللهم ارزقني إيماناً كإيمان العجائز !
اللهم أدِم دويّ تسبيح أمي مجلجلا في ردهات بيتها الهادئ.. آمين 🔆
🌹🌹🌹🌹
بقلم : فاطمة بنت مستور


0 تعليقات