***** تجول بين النقوش مسبحاً *****

ماذا قدمت لوطنك يا ناصر ؟

ماذا قدمت لوطنك يا ناصر ؟
🍃🍃🍃

بداية ًلست هنا لأنكر ما ينبغي إنكاره.. فقد سبقني إلى ذلك من هم أطول مني باعاً و أجلّ قدراً و أعظم علماً و أثبت قدماً.. 
و لا لأكشف حقائق خافية عن القارئ الكريم فالقارئ هو ذاته المشاهد المستهدف و الذي ما عادت  لتخفى عليه أمورٌ يمجّها الذوق السليم وينكرها العقل الرشيد و يستهجنها الرأي السديد .. 
و إنما أتيت هنا لأوجه رسالة مقتضبة لزعماء الكوميديا السعودية الذين أسسوا بنيانها ردحاً من الزمان حتى استوت على ساقها ثم  راحوا يرعونها تحت مظلة قناة تنشر الرذائل و تحارب الفضائل..
و ليعتبر المطلعون على رسالتي هذه أنها ضربٌ من أدوات التقييم لمشروع نشأ منذ ما يزيد على الربع قرن و هو بحاجة إلى دراسة مخرجاته و إعادة الحسابات في جدواه و أثره على جيلين أو ربما أكثر من أفراد المجتمع .
و هنا نقول : قد قامت فكرتكم في باكورتها متشحة برداء إصابة ( الهدف) و متذرعة بذريعة الإعلام الموجّه بِحُجَّة إدخال أجواء المرح و الفكاهة إلى شهر رمضان المبارك على غرار نظرائها من أمثال : ( الكاميرا الخفية ) و غيرها ..فوجدت رواجا جماهيريا كبيرا.. فإذا (بالهدف) ينقلب سهاما تصيب العقل في مقتل .. و تدع الحليم حيرانا.. 
و إذا بهذه المؤسسات الإعلامية تغزونا في عقر دارنا و تتهجم على ثوابتنا و تهزأ بقيمنا و تسخر من تقاليدنا.. بل و تسعى بكل جهدها إلى تشويه الرموز التي يشار إليها بالبنان و التطاول على حرمة الشخصيات الفاعلة في المجتمع بل و تقديم أبشع الصورعن الرجل المستقيم لتظهره بمظهر الشخص المتخلف الهمجي الأخرق الذي لا يعرف للذوق أصولا و لا للأدب  وصولا.. 
و كأن قول الله تعالى يصدق فيهم  :( و إخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون)
الأعراف-٢٠٢- 
و هكذا هي خطوات الشيطان يستدرج أولياءه فيحسن لهم القبيح حتى يستحوذ عليهم ..فتنطلي عليهم خدعه حتى يصل بهم الأمر أن يظنوا أنفسهم مصلحين..!!
(و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون)، (و إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمَنَّا و إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ) البقرة :١١،١٢،١٤-
فيزين لهم إبليس طرقه و يدس لهم السم في الدسم و يمزج الغث بالسمين و الصالح بالطالح .. 
فيظهرون على الشاشات ظانين أنهم يعلمون   الأجيال بر الوالدين و نبذ الفكر المتطرف و ترتيب الأولويات في حياتهم .. و هم يهدمون و لا يبنون !! و يسيئون و لا يحسنون!!
فَأَنَّى لشبابنا تعلم القيم من أشخاص يتشبهون بالنساء تارة و يجالسون القينات الساقطات تارة أخرى و يصفقون و يطبلون لشباب حائر  ضيعتْهُ تلك القنوات الحاضنة لبؤر الشر و الفساد في برامج عربية دخيلةٍ قبيحة مفصلة بمقاييس غربية في مرات أُخَر؟!! .. 
 
فإن كان الأمر كما تزعمون و دعونا نصدق ذلك جدلاً و نقيس -بحسب المفهوم العالمي و الإصطلاحي للإصلاح-  آثار الإصلاح المزعوم لتاريخكم الإعلامي الكوميدي   .. فحدثونا بالله عليكم عن آثار هذا التهريج و الإسفاف المبتذل عبر السنوات الماضية  على تعديل سلوكيات أبنائنا و استقامة أحوالهم و تهذيب ألسنتهم و تحسين أخلاقهم ؟! 
أخبرونا عن مهارات الحياة التي دربتم أبناءنا عليها عبر العقود المنصرمة ؟! 
أخبرونا كم طبيبا خرجتم و كم سقيما داويتم و كم مشروعا خيريا في بلادنا رعيتم؟
كم يتيما كفلتم؟ و كم مؤسسة خيرية دعمتم ؟
كم فضيلة غرستم ؟ و كم رذيلة محوتم؟ 
كم بناء شيدتم؟ و كم منهجاً فكريا ضالاً قصمتم ؟ كم منحرفا زائغاً هديتم ؟ و كم محتاجا أعنتم ؟ كم ملهوفا أغثتم؟ و كم داعية إلى الرشد أيّدتم؟
كم و كم ؟! 
حدثنا - يا ناصر- عن مخرجات تاريخك الفني و حصاد رسالتك الإعلامية ؟! و زوّدنا بالدليل !!
ثم تأتون لتعِظوا الشباب عن بر الوالدين في مشهد يسبقه مشاهد و حلقات تسيء إلى مكتسباتهم الدينية وتتهكم بالمحتسبين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر؟! 
تأتون لتلبسوا ثياب الناصحين المحذرين من الغلو و التطرّف و الإرهاب 
و أنتم -على صعيدٍ آخر -تضربون النشء في دستوره و تقزّمون عمالقته و تَحُطُّون من قدر حَمَلته؟! 
    
 ..لا يختلف اثنان على أن الازدواجية و التناقض في التربية الإعلامية للجيل هي أحد العوامل الرئيسة لتفريخ الإرهاب و ظهور الدواعش و انتشار الفكر الضالّ.. الذي ينشأ غالبا من حالات الاحتقان و الغليان ضد السخرية من قيمه و مسلماته و مبادئه و موروثاته من جهة 
و الإشادة  و التمجيد و منح ألقاب النجومية  لمن لا يستحق من جهة أخرى .
فإن كنتم علمتم يقيناً أنكم لستم في عداد المصلحين و لا من زمرتهم.. فلا أقل من أن تعطوا القوس باريها و تتنحّوا عن تلك المطية التي امتطيتموها و ما هي لكم بِخُلُق .. و تَدَعوا المصلحين المحتسبين و شأنهم .. 
فنحن أحوج ما نكون الآن لوحدة الصف و تعزيز اللُّحمة الوطنية و علاج الخلل و تقويم الزلل بالتي هي أحسن و أرقى و أكرم .

هذه رسالتي لك يا ناصر و لمن معك .. 
فهل تعي ؟! 
و آخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين .

كتبته : فاطمة بنت مستور 
العاشر من رمضان-١٤٣٦ هـ
0 تعليقات